جدل استمر عشرات السنين، وشد وجذب بين العلماء، أفادت دراسة أميركية حديثة بعدم جدوى التنفس من الفم إلى الفم المعروف عالميا بـ«قبلة الحياة»، كمحاولة لإنعاش القلب عند توقفه، ولكن الدراسة أشارت إلى أن إنعاش القلب بالتدليك الخارجي، عن طريق تكرار الضغط على عظمة القص، يعتبر مسألة حياة أو موت بالنسبة للمريض.
ونظرا لأن معظم حالات توقف عضلة القلب عن الخفقان تحدث في المنازل، أو الأماكن العامة، فإن أول من يتعامل مع هذه الحالات غالبا ما يكون شخصا غير متخصص.
ولذا يجد صعوبة جمة في تنفيذ الطريقة المعقدة التي ظلت جميع وسائل الإعلام تحاول تلقينها للعامة بلا طائل، عن طريق الضغط على عظمة القص أربع ضغطات قوية، ثم النفخ بقوة في فم المريض وتكرار ذلك لحين وصول الإسعاف، مع الأخذ في الاعتبار وضع المريض على مسطح صلب كـ(الأرض أو طاولة خشبية).
فلا يجوز أداء ذلك على فراش لين أو ما شابه، ومحاولة رفع ذقن المريض إلى أعلى وتثبيت لسانه بأحد الأصابع عند النفخ في فمه خشية انزلاق لسانه إلى الخلف وموته مختنقا بدلا من إسعافه.
صعوبة الأمر أدت إلى وفاة الكثير من المرضى إما لعدم تنفيذه بدقة كما يجب، أو لعدم وجود أكثر من فرد واحد بالمكان مع تعدد المهام التي يجب تأديتها، كما أن الكثيرين من الناس قد يستنكفون بشدة وضع أفواههم في أفواه الآخرين، أو قد يستنكرونه حال كانت المريضة امرأة والمسعف رجلا أو العكس، كما أن انتشار الأوبئة والأمراض المعدية في الفترة الأخيرة جعل الكثير من الناس يترددون في أداء مثل هذا الفعل.
تجربة مختبريةوقد هوّنت تجربة مختبرية أجراها علماء جامعة ولاية أوهايو الأميركية، بقيادة البروفسور مارك أنجيلوس أستاذ طب الطوارئ، ونشرت في التوصيات الحالية لجمعية القلب الأميركية، الأمور قليلا، حيث قام العلماء بتقسيم مجموعة من فئران التجارب إلى ثلاث مجموعات، تم إخضاعها لظروف مختلفة عقب ست دقائق من توقيف عضلة القلب.
إذ تم تعريض المجموعة الأولى للأكسجين بنسبة 100%، والثانية للأكسجين بنسبة 21% (النسبة الطبيعية في الهواء العادي)، والثالثة للنتروجين بنسبة 100% (لا أكسجين على الإطلاق)، مع استمرار عملية إنعاش القلب بالتدليك الخارجي لحين عودة الدورة الدموية التلقائية، ثم استمر الأمر بعدها في نفس الظروف لمدة دقيقتين، قبل أن تمنح كل الفئران الأكسجين بتركيز 100% (في محاكاة للواقع حيث يفترض وصول الإسعاف في حدود هذه الفترة الزمنية، ووضع قناع الأكسجين المركز للمريض).
وصلت جميع الفئران التي تتلقى الأكسجين إلى هذه المرحلة في وقت متقارب، ما بين 90 إلى 120 ثانية، بغض النظر عن تركيز الأكسجين، فيما نجح فأر واحد من المجموعة الثالثة (بلا أكسجين) في إدراك النجاة ولكنه مات في ظرف 72 ساعة بعدها.
وبمقارنة النتائج الإحصائية بعد التجربة، وجد أن عددا متقاربا للغاية من الفئران في المجموعتين اللتين تتلقيان تركيزات مختلفة من الأكسجين قد نجا، والأهم أن وظائف المخ لديها لم تتأثر جراء توقف عضلة القلب ونقص الأكسجين المحدود.
وخرجت التجربة بعدة نتائج أهمها:
- إنعاش القلب عن طريق التدليك الخارجي يعتبر أمرا لا غنى عنه ولا يجوز تأخيره أكثر من دقيقتين، وإلا ترك أثرا دائما في وظائف المخ إذا ما نجح المريض من الأساس في عبور المحنة.
- نسبة الأكسجين بهواء الغرفة العادي، كافية للمريض في حدود 5 ـ 10 دقائق، وهي الفترة المفترضة لوصول سيارة الإسعاف، ولا توجد حاجة فعلية لـ«قبلة الحياة».
تدليك القلب وكنتيجة مباشرة لهذه الاستنتاجات، فإن تقليص مهام من يحاول إسعاف المريض إلى التدليك القلبي فقط، سينجح في زيادة نسبة الناجين من هذه الأزمة بصورة كبيرة.
فالمسعف يعلم دوره المحدد دونما ارتباك، كما أن الإجهاد العنيف الذي يصيب المسعف جراء تعدد المهام سينتهي تماما، ما يعني قدرته على تنفيذ المهمة لفترة أطول لحين وصول المسعفين.
وتتعدد أسباب توقف عضلة القلب عن الخفقان، وتعتبر الذبحات الصدرية، والموت الجزئي لعضلة القلب myocardial infarction، والسدّة الوعائية الرئوية pulmonary embolism من أهم الأسباب بالإضافة إلى أن نقص الأكسجين أو معدل السكر بالدم، والنزيف الزائد، وزيادة معدل الحمضية، أو نسبة البوتاسيوم بالدم، والبرودة الزائدة، وبعض السموم والعيوب الخلقية، قد تؤدي أحيانا إلى توقف القلب.
ويعتبر الحفاظ على اللياقة البدنية والوجبات المعتدلة من أهم طرق تجنب مشكلة توقف القلب.